استمرت التحقيقات لعدة أشهر بالتعاون مع قناة BBC البريطانية.
يشير التحقيق إلى أن حقوق الإنسان لا تحظى بالاهتمام الكافي بالنسبة إلى المهاجرين الفارين من الصراعات. تستمر معاناة المهاجرين على الحدود الأوروبية في ظل عدم وجود استجابة كافية من الاتحاد الأوروبي لهذه الأوضاع.
يتعرض المهاجرين لعمليات إعادة قسرية وظروف قاسية تشمل الضرب واستخدام الكهرباء، مما يؤدي أحيانًا إلى وفاة البعض منهم. وقد تم توثيق شهادات عديدة لناجين تحدثوا عن هذه الأحداث المؤلمة.
شهادات الناجين
حميد (اسم مستعار حفاظًا على الهوية)، صومالي الجنسية، كان في رحلة بتاريخ 19 مارس 2021 عندما حاول العبور عن طريق البحر عبر قارب قابل للنفخ. يقول حميد: “كانت زوجتي وابني في قارب آخر سريع، لكنهم وصلوا واستطاعوا الوصول إلى المخيم في جزيرة كيوس. جميع أفراد عائلتي يعيشون في أوروبا، وتحديدًا في السويد.”
عاش حميد حوالي أكثر من عامين في تركيا قبل محاولته الأخيرة إلى اليونان. كان حميد برفقة حوالي 27 مهاجرًا غالبيتهم من الأفارقة بينهم سبعة صوماليين وعائلة عراقية. وصل القارب إلى اليابسة لجزيرة وتم القبض عليهم من قبل الجيش يرتدون الزي العسكري وتم تسليمهم لخفر السواحل حسب ما رواه حميد.
تمت مصادرة ممتلكاتهم من هواتف وأموال وحتى الأحذية. وتم نقلهم في شاحنة تدور بهم في جزيرة كيوس. الشرطة هنا تبحث عن مهاجرين آخرين فارين كانوا برفقة حميد. كانوا يصرخون علينا حينما يمر أو يشاهدون منظمة UHR بالاختباء خوفًا من يتم التعرف علينا من قبلهم. كانوا يحاولون إخفائنا.
“تعرضت النساء لمعاملة سيئة، حيث كانوا يرتدين الحجاب والعباءة الإسلامية.
قضيت ثلاثة أيام في جزيرة كيوس حيث احتجزونا في مكان مليء بمحركات القوارب. قبل وصولنا لهذا المكان تعرضنا للضرب المستمر. قيل إنهم يستخدمون الكهرباء لتعذيب البعض، لكني لم أشاهد ذلك بنفسي.
طلبوا مني فتح الهاتف فأخبرتهم أنه ليس هاتفي، لكنهم تمكنوا من فتحه وأخرجوا صوري وقالوا لي هذا أنت، ثم ضربوني عدة مرات. كانوا يرتدون زي المدني ويحملون مسدسات.
في حوالي الساعة الثالثة صباحًا، تم تقييدي ثم وضعونا في قاربهم وألقونا في البحر. حاولت السباحة على ظهري وتحرير يدي، لكن كنت على وشك الغرق.
كنا قرب جزيرة تركية. استطعنا النزول على يابسة الجزيرة وتم العثور علينا من قبل السلطات التركية.
استطعت إنقاذ شخص كان يسبح كاد أن يغرق. لكن كان هناك أشخاص آخرين في البحر مات منهم ثلاثة وأنقذ خفر التركي البقية. كان معنا مهاجر صومالي مات بعد أيام في المشفى.”
حادثة مشابهة أخرى
أم عبود، مهاجرة سورية من مدينة حماة كانت تقيم في لبنان قبل أن تحاول ركوب قارب باتجاه إيطاليا. أم عبود تقيم في لبنان بطريقة غير شرعية. بعد زواجها بعامين استشهد زوجها وخرجت إلى لبنان علما بأنها لديها منع من دخول لبنان.
أم عبود كانت برفقة شقيقها وزوجة شقيقها وابن شقيقها. بتاريخ 13.09.2022 تعطل القارب قرب اليونان.
تقول ام عبود: “انطلق القارب من لبنان وكان يحمل 83 مهاجرًا وكانت الوجهة هي إيطاليا، لكنه تعطل بهم قبالة سواحل اليونان. لم تنكر أم عبود إنقاذهم من قبل خفر السواحل اليوناني، لكن سرعان ما تم إنقاذهم قاموا بضرب الشباب. تقول: “كانت هناك امرأة لبنانية حامل وبسبب الضرب فقدت جنينها وأصبحت تنزف، لكن موظفين في خفر السواحل كانوا يتمسخرون ويضحكون وكانوا يقولون ‘كوميديا’.”
“كانوا يرتدون أقنعة على الرأس، لكن بعضهم لم يرتد. الأشخاص المقنعين كانوا يرتدون الزي الأسود، بينما كان رجال الذين لم يرتدوا القناع يرتدون الزي العسكري.”
وتكمل “في الساعة 12:00 صباحًا تم وضعنا في أربعة قوارب صغيرة، وكان الطقس باردًا جدًا. تم وضع الـ 83 مهاجرًا في قوارب صغيرة. كنت في قارب وكان الرجال متكومين فوقي بسبب صغر الطوافة. كانوا يرموننا رميا من سفينة الخفر اليوناني إلى القوارب إلى الطوافة أو السلة المطاطية.”
“كانت هناك امرأة تصرخ بسبب عملية نقلنا ورمينا إلى السلات. وكانت تلك هي الطوافة الرابعة والأخيرة التي كانت تقل أخي وزوجته وابن أخي الطفل. قام خفر السواحل بثقب السلة ثم رمى المهاجرين فيها.”
تقول المهاجرة أم عبود بأن “خفر السواحل اليوناني والمرتزقة كانوا يريدوننا أن نموت والذي يثبت ذلك هو طريقة رمينا في البحر بسلات مطاطية صغيرة وبعضها فوق بعض، إلى جانب التعامل بضرب وتنكيل بنا.”
“غرق القارب الرابع، وبعد أن قضينا 12 ساعة في البحر تم إنقاذنا من قبل خفر تركيا، كذلك كان تعاملهم قاسيًا ومجحفًا. كنا متعبين جدًا. وكان الخفر التركي يسحب الضحايا.”
“أخي لا يزال في عداد المفقودين، بينما ابن أخي الطفل الصغير يبدو في الصورة وهو يطوف على سطح البحر، بينما يقوم شرطي من خفر السواحل اليوناني بسحبه إلى قارب الإنقاذ.”
ولا تزال أم عبود تبحث عن شقيقها المختفي الذي لم تعثر عليه السلطات التركية حتى الآن، وتطلب منا معرفة مصيره.
محمد، مهاجر سوري – قارب لبنان.
في هذه الحادثة بتاريخ 13.09.2022 فقد العديد حياتهم من ضمنهم عائلة شاب سوري يدعى محمد يقيم حاليًا في ألمانيا حيث فقد زوجته وأطفاله ويعيش بحالة نفسية صعبة. محمد كان على نفس القارب الذي كانت فيه أم عبود، والذي انطلق من لبنان. تحدثت CRG مع محمد، لكن حالته النفسية صعبة جدًا. كان من الصعب الحصول على إجابات للأسئلة التي وجهتها C.R.G.
وسام فلسطيني لبناني – قارب لبنان.
وسام (اسم مستعار حفاظًا على الخصوصية) قرر الهجرة بسبب الأوضاع المعيشية في لبنان، وكان ضمن قارب يحمل مهاجرين بتاريخ 13.09.2022 وكانت الوجهة إلى إيطاليا، لكن توقف القارب بالقرب من اليونان بسبب نقص في الوقود. كان المتفق مع المهرب أن يكون القارب يحمل 35 مهاجرًا لكن فوجئوا عند وصولهم للمركب العدد الكبير، واجبروا على ركوب المركب كأشخاص سائحين.
يقول وسام: “بعد توقف محرك المركب بالقرب من اليونان مرت سفينة قربنا، طلبنا المساعدة منها لكن السفينة رفضت مساعدتنا. كانت معنا امرأة سورية تدعى شفاء خالد والتي كانت تتحدث الإنجليزية بطلاقة والتي فقدت حياتها لاحقًا أثناء إعادتنا من قبل خفر السواحل اليوناني إلى تركيا. “
ويكمل: “اتصلنا بخفر السواحل الإيطالي والقبرصي وطلبنا المساعدة لكنهم قالوا بأن القارب بعيد عن المياه الإقليمية التابعة لدولتين. تم الاتصال وطلب المساعدة من قبل خفر السواحل اليوناني. وصل خفر السواحل اليوناني للقارب وتم رمي جميع الأغراض، وتم نقلنا إلى قارب خفر السواحل واحدًا تلو الآخر لكن كانت طريقة التعامل صادمة جدًا، حيث بدأوا بالصراخ علينا وضربنا بالعصي.”
يقول وسام: “كانوا يرتدون الزي العسكري وجميعهم مقنعين. كنا نتوقع أن يتم نقلنا إلى اليونان، لكننا شاهدناهم يجهزون سلات عبارة عن قوارب صغيرة. كنا على أربع مجموعات توزعت على الأربعة.”
ويضيف “تم دفعنا إلى تركيا، وبعد حوالي ثلاث ساعات تم إنقاذنا من قبل خفر السواحل التركي في حوالي الساعة الرابعة صباحًا. وبقينا حتى اليوم التالي حوالي الساعة الثانية ظهرًا، حتى تم العثور على السلة المطاطية الرابعة والتي كانت تحمل أطفالًا ونساء.”
“تم العثور على حوالي ستة إلى سبعة أطفال متوفيين، ولا يزال البعض منهم مفقودين. يقول وسام بأن سبب الوفاة كان بسبب التعنيف الذي حصل من قبل خفر السواحل اليوناني، ويذكر بأنه لا يمكن نسيان ذلك، حيث كان الجميع يتعرض من طفل حتى الرجل الكبير. “
“وأثر ذلك المشهد بقيت أتعالج نفسيًا لفترة من الزمن. ويذكر السبب الآخر لفقدان العديد من الأرواح كان بسبب تأخر العثور عليهم من قبل خفر السواحل التركي. يقول وسام بأن طريقة رمينا إلى القوارب الصغيرة أو السلات المطاطية، مصاحبة مع استخدام الضرب والتعنيف ثم يتم دفعنا ورمينا إلى الأسفل، أي إلى السلات المطاطية، إضافة لذلك كانت السلات لم يتم نفخها بشكل جيد.”
يذكر وسام بأن خفر السواحل اليوناني لم يقيدنا أو يعصب أعيننا، لكن كان يستخدم التعنيف بالضرب بالأحذية والأيدي. فقد وسام في هذه الحادثة المأساوية ابنة خالته وطفلها حتى الآن مفقود. كانت من بيننا امرأة حامل فقدت جنينها بعد نقلها إلى المستشفى التركي.
ووثقت مجموعة الإنقاذ الموحد شهادات لناجين من الحوادث ما بين 2019 حتى 2022، لكن هذه الشهادات فعلا كانت صدمة كبيرة، ولم نكن نتوقع أن يتم التعذيب بالكهرباء وعصب الأعين وتقيد الأيدي ثم رميهم في البحر بطريقة خالية من كل القيم الإنسانية والأخلاقية.