في لحظة فارقة على خط المـ.ـوت، نجا عبدالله عيد المحمد العبد، من بين 17 مهاجر سوري، من الغـ.ـرق في رحلة الهجرة عبر البحر المتوسط في ليبيا. واجه عبدالله المـ.ـوت وجهاً لوجه عندما غـ.ـرق القارب الذي كان على متنه، تاركًا وراءه قصصًا مُروعة عن المـ.ـوت واليأس.
عبدالله روى للإنقاذ الموحد ما حصل معه في هذه الرحلة التي لن ينساها أبداً
حاول عبدالله رفقة ابن عمه حسين، في 26 يونيو 2024، الانطلاق من صبراتة. في تمام الساعة 03:10 صباحاً، انطلق القارب وهو يحمل 17 مهاجرًا بينهم أطفال ونساء.
في حوالي الساعة 04:30، أي بعد تقريبًا ساعة ونصف من انطلاقه، تعطل أحد المحركين.
غـ.ـرق المركب عندما حاول قبطان المركب تشغيل المحرك، لكنه أطفأ بشكل خاطئ المحرك الآخر. على إثر ذلك، ضربت موجة عالية القارب وقسمته إلى نصفين، ومن ثم ضربت موجة ثانية القارب وأغرقته في الماء.
يقول عبدالله إنه لا يجيد السباحة، وعند نزولهم لم يشاهد أحداً قد غـ.ـرق أو مـ.ـات. كان البحر يأخذهم إلى الأسفل، وكان يصرخ على ابن عمه حسين، الذي كان يناديه أيضًا.
كان بجانبه مهاجرون آخرون على القارب، بينهم أبو ماهر وابنه ماهر وزوجته وابنتهم لين، وامرأة أخرى تدعى فرح.
بقوا يناجون الله طلبًا للمساعدة حتى اليوم الثاني، عندما توفيت لين، ابنة أبو ماهر، في حوالي الساعة الثالثة ظهرًا.
حاول أبو ماهر إغـ.ـراق نفسه بعد مرور يوم كامل في البحر، خاصة بعد وفـ.ـاة ابنته لين. كان عبدالله يحاول التخفيف عنه وتهدئته.
الأمر لم يكن سهلًا على الإطلاق. كانت الساعات تمر وكأنها سنوات. عندما توفـ.ـيت الطفلة لين، حاولوا الاحتفاظ بجـ.ـثتها، فمرر أبو ماهر الجـ.ـثة لزوجته، ومن ثم مررتها الزوجة لابنها ماهر.
كانت هناك شابة سورية تدعى مرح من مدينة درعا، كانت متمسكة بعائلة أبو ماهر، وكانت من ضمن الناجين.
يروي عبدالله عن الليلة التي قضاها في البحر، شعورًا لا يوصف من الخوف والرعب وسط الظلام الدامس والأمواج المتلاطمة، وشعور المـوت يلاحقه كل دقيقة وثانية.
كانت أصواتهم تملأ البحر، كانوا يصرخون “يارب أنقذنا”، وكان الصوت يملأ المكان. شعور لم ينسه ما دام حيًا.
ابتعد عن عائلة أبو ماهر، وكانت الفكرة هي أن احتمالية النجاة ضئيلة جدًا. يبس لسانه وفمه، لم يعد يتحمل أكثر وكأنه يموت موتًا بطيئًا. ابتعد عن عائلة أبو ماهر التي كان يحاول دائمًا دعمها والصبر بها. لكن تغيرت الفكرة، وابتعد عنهم محاولًا إغراق نفسه.
ما أن ابتعد قليلاً بهدف إغـ.ـراق نفسه، وإذا بقارب سريع (قارب صيد) يتجه نحوه، فبدأ يصرخ “يا الله يا الله”. فتم إنقاذه، ومن ثم تم إنقاذ عائلة أبو ماهر، ومن بينهم مرح.
أخبرهم عبدالله بوجود مجموعة أخرى. يقول عبدالله إنه شاهد شخصًا عاد سباحة ويرجح أنه السائق. لم يلتقِ به عبدالله، لكنه أكد أنه عاد سباحة.
يؤكد عبدالله أن الناجين هم 6 أشخاص: هو، ومرح، والشاب الذي عاد سباحة، وعائلة أبو ماهر المكونة من ثلاثة أشخاص.